بدأت قصة كتاب مصباح علاء الدين تقريباً 2005 م أي قبل سنة من وفاة المدرب منصور الرفاعي هو معلم لغة عربية قضى نصف حياته في القراءة الواسعة وارتياد المكتبات وبين صفحات الكتب عاش بخياله مع كل شخصيات الكتب التي قرأها ومع عقول وأفكار العلماء والكُتاب والمؤلفين . ولأنه قارئ نهم ويحب أن يتعلم من أهم مصدر التعلم وهي (الكتب) وهو يعلم أهمية الكتاب و القراءة وهو الذي قرأ في مختلف العلوم . حتى قادته قراءاته لتعلم 77ودراسة علم تطوير الذات والبرمجة ووجد أن لها تأثير إيجابي في تطوير الإنسان على المستوى الشخصي والبيئي والمجتمعي فقرر أن تكون له بصمة في نشر هذا العلم كما أنه قال وقتها (ولدنا وكل العلوم موجودة ومكتشفه من قبلنا بسنين وقرون , وهذا العلم جديد اكتشف ونحن كبار إذا لم نكن من مؤسسيه لماذا لا أكون من مطوري هذا العلم ) . وأبحرت سفينة أفكاره وأحلامه في هذا العلم وتعلم و تعلم حتى تعلم وطبق وجرب ومارس حتى أتقن تطبيقات علوم تطوير الذات , و بدأ يغوص في تأملاته أكثر وأكثر حتى نضجت أفكاره من خلال الممارسة لتطبيقات هذا العلم ذو الطرح والوعي الإيجابي . مع مرور الأيام والشهور بدأت تتغير أفكاره وتتحول إلى أفعال إيجابية وبدأت تتسم شخصيته بصفة الإيجابية والتفاؤل والطموح وبدأ يحدثنا عن الحـــلم وكيف هي الأحلام الجميلة تجعلك تحلق في سماء النجاح , وبدأ يحدثنا عن حلمه الجميل في الحياة وأن كل فردِ في هذه العائلة العزيزة لا بد أن يكون له هدفً وحلمً خاص به , يحيا لأجله ويموت في سبيل تحقيقه , أما هو فقال أنا حلمي أن أنشر هذا العلم قدر المستطاع في كل بيت من بيوت السعودية والعالم العربي كله , تخيلوا أن الكثير من الناس لا يعرفون هذا العلم ويعيشون في صراعات مع أنفسهم وذواتهم ومع أهلهم ويعانون لوحدهم لا يستطيعون التخلص من كل مشاكلهم ومعاناتهم ولا يعرفون كيف يعيشون , ولا يفهمون ماذا يريدون من الحياة والبعض منهم لا يملكون أهداف , ولم لا يعيشون بسعادة مع أهليهم كغيرهم , أني أفكر كيف أوصل لهم هذا العلم حتى يتعلموا وهم داخل بيوتهم ’ أريد ان أُشعل شمعة تضيء لهم عتمة حياتهم , وأريد أن أخبرهم أن الحياة جميلة وأنهم يستحقون العيش بسعادة فوق ما يتصورون , وكيف يتخلصون من الأفكار السلبية والأحزان والأوهام التي تكبل أرواحكم , لذلك قرر عدة قرارات في حياته ومن بينها أن يؤلف عدة كتب عن هذا العلم وينشرها ليتعلم كل الناس ولا يحتاج أن يحضروا دورات لأن في وقتهم القليل من يعترف بهذه الدورات , الكتب ستفي بالغرض , ولأن هدفه سامي وخالص لوجه الله تعالى , ولأنه يريد أن يكون إنسان إيجابي ومفيد ويرتقي بوعي المجتمع بدأ من نفسه وأسرته وأصدقائه حتى يصل لأكبر شريحة بالمجتمع آنذاك . بدأت فكرة الكتاب تكبر وتكبر في عقله وأخذ يقلب الكتب التي قرأها عن هذا العلم ويقارن بينها وبين الكتب التي أثرت في نفسه قبل سنوات والتي تؤثر على نفس القارئ وتترك أثر كبير وزخم من المشاعر الملتهبة والحماس , فقرر أن يكتب قصة برمجية تطويرية بصياغة أدبية , لأنه يعرف أثر القصة على القارئ ومدى أهميتها في إيصال المعلومة إلى العقل الباطن بكل احترافية وهو الذي عاش بين صفحات الكتب والقصص العالمية , فاختار بطل كتابه آنذاك علاء الدين صاحب المصباح الشهير . الكل يعرف هذه الشخصية الكرتونية أو الاسطورية ولكن الذي لا يعرفونه

آنذاك أن كل إنسان منا يمتلك معه مصباحه السحري لتحقيق أهدافه وأحلامه , وأصبح بطل القصة رمزاً للوعي الجديد في تطوير ذواتنا والارتقاء بها . وتتوالى الأيام ومع ازدحام وقته في مجال التدريب ومع تقديم الدعم والاستشارات إلا أنه يخلو مع نفسه قليلاً ويدون كل فكرة تخطر بباله عن كتابه الذي يعمل عليه. كان يجتمع مع والدتنا في لقاءات سريعة ويعتذر لها عن انشغاله وغيابه المتواصل حتى قال لنا في لحظة صدق ونبرة مملوءة بالحسرة : (من عنده وقت زائد عن حاجته فليبيعني إياه , ليت الوقت يباع ويشترى فأشتريه بكل ما أملك , يا ليتني تعلمت هذا العلم وأنا أصغر يا ليت وقتي الذي ضاع على اللا شيء يعود لي , فقد أصبح عندي حلم كبير يحتاج وقت كثير ) . وكأنه في سباق مع الزمن , قد كان يصف لنا أنه ينام قليلاً من الليل ويستيقظ وينتظر طلوع الشمس بشغف , حتى يكمل مشاريعه وأهدافه , الآن وأنا أتأمل حياته الماضية قد كان له رؤية وهدف كضوء الشمس وقت بزوغها تزيد الحياة جمالاً وسعادة على جمالها . كان يعمل على الكتاب في كل وقت فراغ له ويضيف ويعدل حتى جهزت تقريباً المادة العلمية التي سوف تحول إلى قصة , كان يعرف الأستاذ منصور في وقت سابق أنني مهتمة بالكتابة القصصية فطلب مساعدتي له في كتابة القصة , وكنت أساعده وانا أتفجر من السعادة لأنه وعدني أن يُدون اسمي في مقدمة الكتاب . وكنا نعمل على الكتاب معا على مدى عدة أشهر نلتقي لقاءات سريعة ونضيف ونعدل ونحذف لا أخفي عليكم أن المادة العملية كانت شيء مجهول بالنسبة لي أقرأ بعض الكلام الغير مفهوم والمصطلحات الجديدة ولكن لا أعرف ماذا تعني وبماذا تستخدم فقد كان هو من يضيف المادة العلمية ويشرحها وأنا أساعده في الصياغة القصصية وبعض الحوارات التفصيلية الغير مكتملة , وقد كان يسافر هو وأنا أنشغل باختباراتي فيتأخر العمل بيننا , أصبح الكتاب شبه مكتمل الآن وتوقفنا لأنه جاء موسم الحج وقرر أن يذهب للحج مع الوالد حفظه الله , وعاد من الحج وطرأت عليه بعض الأفكار الجديدة التي سيضيفها , وبعد أسبوعين من الحج وبعد أن اكتمل الكتاب تقريبا , قرر أن يسافر لمصر ليحضر معرض الكتاب الدولي في القاهرة وحتى يلتقي بدور النشر والمطابع ويتفق مع إحداها لينشر كتابه . هو أخبرنا بعد عودته من الحج أنه سيسافر إلى مصر مطلع السنة الهجرية ولم يحدد متى بالتاريخ , كنت أعرف السبب الرئيسي لحضوره معرض الكتاب وأنا حقيقة لم أرَ النسخة الأخيرة من الكتاب فقط عندي نسخة أولية كنت أعدل وأضيف بناء عليها , وفي آخر تعديل أخذ النسخة من عندي لأنه قال انتهينا من الكتاب في وقت قصير هذا إنجاز كبير , سوف أبحث عن أفضل دار نشر في القاهرة وأطبعه هناك , قلت له : لا تنس الوعد الذي وعدتني إياه. وابتسم وقال : أكيد ثم انصرف . قبل سفره بأسبوع جاء لوالدتنا وسألها وهو يشرب الشاي معها قال : ( أمي هل الغريق شهيد ؟ قالت له أمي نعم هو شهيد وبدأت تعدد الشهداء السبع الذين ذكروا في الحديث النبوي , قال لها : أنا أعرف ولكن أريد أن أرى هذا الحديث بنفسي يا ليتك يا أمي تبحثين عنه في كتب الوالد

ماهي إلا أيام وسويعات قلائل حتى وصلنا خبر أن الأستاذ منصور الرفاعي على متن عبارة السلام 98 ولا نعلم عن الأمر شيء سوى أننا تذكرنا أنه قال بأنه سيسافر لمصر من أجل معرض الكتاب , كيف ومتى بالضبط لا نعلم . سأتخطى ذكر الكثير من الأحداث والمواقف التي حدثت في تلك الأيام وسأكتفي بقولي أن الله رحمن رحيم لطيف خبير ربط على قلب أمي وأبي لفاجعتهم بفقده بين عشية وضحاها , فقد رحل ورحلت معه شعلة الأمل والتفاؤل والطموح في تلك الفترة ظننا أن الحياة ستنتهي أيضاً لقد فقدنا أخاً محباً حنونا, كما فقد أبي وأمي ابناً باراً مطواعاً , وفقد أصدقاؤه صديقاً مخلصاً دافئاً . نعم لقد كان في سباق مع الزمن , كانت سنواته الأخيرة مملوءة بالإيجابية والتفاؤل والعيش السامي لأجل هدف نبيل وأن يكون صاحب رسالة في هذه الحياة وكأنه على علم بأنه لن يعيش طويلاً , فلينجز ما يستطيع في أقصر وقت ممكن , رحل وهو يعلم أنه غرس بيديه بذور الأمل والتفاؤل والحلم والنجاح والطموح والسعادة ورقي الذات والوعي الإيجابي في عقولنا وفي أرواحنا كأنما أوقد شموع كي لا نستسلم للحزن ونعيش في ثنايا صدمة وفاته كثيراً , لقد غير في كل من أحتك به حتى تلاميذه في تلك المدرسة الابتدائية النائية في قرية الحناكية من مدارس منطقة المدينة المنورة كان لهم معه أجمل قصة طموح ينسجها لهم مع كل شروق شمس وينير لهم عقولهم البريئة بفكرة إبداعية ويكافئ كل طلابه بحلوى دون استثناء لأي طالب , وقد كان آخر عهدهم به تلك الهدايا والحلوى التي قدمها لهم مع الشهادات .

أي روح تلك التي يعيش بها بكل متعة ويركض ليلاً ونهاراً لينجز أكثر وأكثر , أي هدف أي حـــــــلم أي علم ذاك الذي وجد نفسه غارقة به حد السعادة , إني لأتذكر بريق عينيه , وبريق الحلم الذي يراه ويحدثنا عنه , أي منصور كان .! عشنا لحظة الحيرة الموجعة هل مات أم لا , كنا ننتظر على أحر من الجمر إن صح التعبير وكانت دعواتنا تحلق إلى السماء يا الله , و بين فاجعة فقده ورعشة خوف وبكاء ودعاء صادق يا رب يا رب كبيرنا وصغيرنا يبتهل بالدعاء , ولنا مع أمي و أبي قصة وألف حكاية , يا رب أرحمهما كما ربونا صغاراً . عندما تأكدنا من وفاته وقطعنا الشك باليقين وقررنا إقامة العزاء له حتى نغلق باب السؤال والفضول هل عاد أم لا ؟ هل هناك أخبار عنه أم لا ؟ مات الأستاذ منصور وأصبح شهيداً كما كان يتمنى لخاتمته التي قالها لإخوتي وهم في مرحلة المراهقة , كان يعطينا دروس ليست لأيام ولا إلى شهور ولا إلى مواقف صغيرة كان يهيئنا لحياة أكبر ومواقف أعظم وأقسى من تصورنا . كان يعطينا دروساً في القوة والشجاعة والإيمان بالله والثقة بالنفس لنكون أقوياء في يوم رحيله وكأني به يقول لنا :( كونوا أقوياء .. كونوا أقوياء لا تحزنوا علي ولا تحزنوا لموتي لا تبكوا علي .. لا تستسلموا للحزن و لليأس .. إياكم أن يسيطر عليكم الألم والحزن .. إني أفضل حالاً منكم عملت ما أستطيع و يا ليتني عملت أكثر من ذلك .. ستعيشون فلتعملوا وتتعلموا أكثر لأجل أنفسكم . ) والحمد الله على كل شيء , حمدا طيباً مباركاً بصدق وإيمان ويقين , بأن اختيار الله وقضاءه تعالى خيرُ من كل شيء .

يقول العالم كله والإعلام والكُتاب والصحفيين : لقد ماتوا شهداء عبارة السلام 98 وماتت معهم أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم ماتوا ومات كل شيء كانوا يعملونه في دنياهم. , نعم ماتوا ولم يبق لهم سوى أعمال الخير التي عملوها في حياتهم الدنيا , ماتوا وسينساهم العالم والإعلام , قد يكون مات الأخ العزيز المدرب منصور الرفاعي ولكن لم يمت حلمه ولم يمت هدفه ولم يمت طموحه لأنه زرع لنا حلماً وهدفاً عظيماً نحمل همه نحن من بعده . أتدرون أن النسخة الأصلية للكتاب الذي بين أيديكم الآن قد غرقت معه في عبارة السلام 98 وأن النسخة الثانية قد كانت في اللاب توب الذي معه أيضا وأنا لم تكن عندي نسخة له . في البداية ظننت أن الكتاب قد غرق معه وأنتهى أمره وإننا وصلنا إلى اللأ شئ , إلى حيث نهاية البداية . ولكن حكمة الله ورحمته أعظم من كل شيء , فبعد بضعة أشهر حيث هدأت أرواحنا من صدمة فقده , فقد قرروا إخوتي إخلاء مكتبه ومركزه التدريبي علم النجاح الذي يعمل به آنذاك , والعجيب أنهم وجدوا في رف مكتبته مجموعة من الأوراق المبعثرة وكان أسفل هذه الأوراق نسخة أولية للكتاب أجزاء كثيرة منه مفقودة وهو الذي أخبرني سابقاً أنه تخلص من النسخ التي كان يعمل عليها حتى لا تختلط عليه التعديلات , لا أخفي عليكم مدى سعادتي في أننا وجدنا ولو بقايا نسخة غير مكتملة من هذا الكتاب فما حفظته في عقلي وقلبي كان أكثر . وقد قررنا أن ندرس علوم تطوير الذات التي درسها رحمه الله حتى نعرف كيف نجمع شتات هذا الكتاب بالشكل الذي يليق به كعلم ووعي ويليق بصاحب هذا الكتاب , والحمد الله رب العالمين حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه , لنجاحنا في جمعه وترتيبه ونشره بعد كل هذه السنوات , أتمنى أن تستفيدوا منه الفائدة المرجوة التي تساعدكم في تغيير حياتكم للأفضل والأجمل إن شاء الله.

بقلم : المدربة عواطف الرفاعي .